آلية التعامل مع التلميذ المشاكس
من الطبيعي جدا ًً أن يوجد في الصف فئة من الطلبة المشاغبين، المشاكسين، وينبغي أن لا يستعجل المدرس بالحكم عليهم بأنهم لا يرغبون بالتعلم والنجاح، فجميع الطلبة يحبون أن يتعلموا ويتقدموا وينجحوا، فالدافع نحو المشاغبة ربما كان لمرحلة المراهقة أو لبعض الضغوط التي يواجهها الطالب في بيئته الأجتماعية، أو قد تكون تعبيرا ً لدى بعض الطلاب عن حبهم للظهور والتميز، فعندما لا يستطيع الطالب المحب للظهور ان يتميز دراسياً فإنه يسعى إلى البحث عن طريقة أخرى للظهور والتميز، حتى لو كانت في نظر المدرسين سلوكيات سلبية أو تصرفات خاطئة.
الطالب المشاكس : يوصف بأنه كثير العناد والفوضى ، محاولاً جذب إنتباه التلاميذ إليه، وهو عديم الدافعية وغالباً ما يتحدى سلطة مدرسه ويسبب له توتراً في الأعصاب، وخيبة أمل وشعوراً بالفشل.
والطالب الذي يحتاج إلى عناية مركزة وإهتمام هو الطالب الذي يتصرف بأحد النقيضين، فإما أن يكون طالبا ً خجولا ً جدا ً ومنزويا ً ولا يشارك زملاؤه الطلبة، وإما طالبا ً مشاغبا ً جدا ً، يفتعل الخصومات ويقود المنازعات، ويزعج الطلبة والمدرسين، هذان الصنفان هما اللذان ينبغي مناقشة حالتيهما بعناية مركزة.
فمعظم الطلاب من هذه الفئة هم من الأسرة المفككة ، أو قد يكون الطالب قد تعرض لمشاكل سلوكية نفسية أو عاطفية ، أو أنجب من أمهات مدمنات على المخدرات ، أو من عائلات تفتقد إلى أدنى سيطرة على تصرفات أولادهم ، ولا نقصد بالطالب المشاكس الذي تصرف بسلوكيات سلبية غير طبيعية منها : سلوك عدواني وإنحرافات في السلوك بشكل مكثف وبإستمرار
والأطفال المشاكسون هم أنفسهم أطفال تعرضوا للمشاكسة أو الأعتداء. وهم أحيانا أطفال يعيشون تجارب حياتية قاسية ليس بوسعهم التكيف معها مما ينعكس على سلوكهم ويفقدهم السيطرة على أنفسهم. وربما كانوا يفتقرون إلى المهارات الاجتماعية والذين يشعرون بالفشل في كسب عواطف أسرهم أو مدرسيهم. ولذلك فإن الطفل المشاكس حتى يتغلب على شعوره الداخلي بالنقص والعجز يسعى للتسلط على أطفال آخرين لكي يداوي نقصه الداخلي ويشعر نفسه بالنجاح والسلطة.
ومن الأخطاء الشائعة في معالجة مشاكل الطلبة المشاغبين أو غير المنضبطين هو تأخير مواجهة المشكلة بوقت مبكر وتركها تستفحل دون إتخاذ موقف حاسم لحلها، فمبدأ التأخير يسمح للقضية بالتعاظم والمشكلة بالتفاقم حتى لا يمكن بعد ذلك السيطرة عليها، لذا فعندما يلاحظ المدرس سوء سلوك متكرر من طالب ما، أو مشكلة واضحة لدى طالب آخر، فعليه المسارعة إلى اتخاذ موقف مناسب مباشرة دون تردد .ا
ونستنج من ذلك أن السلوك الفوضوي لطالب واحد كاف لتوقيف المدرس عن أداء عمله وحرمان بقية التلاميذ من الاستفادة من الدرس . وذلك لوجود (طاقة كامنة) عند الطالب المشاكس تقوم بإحداث تأثيرات مضادة لمساعي المدرس وقدرته على إنجاز مهامه كمدرس.
وعندما يحاول المدرس التصدي لهذه المؤثرات السلبية يوماً بعد يوم فسوف يسبب له ذلك شعوراً بالفشل وخيبة الأمل والإرهاق ، وأخيرا ً الشعور بالنقص وقد يفشل فشلاً تاماً في أداء عمله بزيادة عدد الطلاب المشاكسين في الصف وقد يفشل كذلك في إستخدام الوسائل المتاحة لتعديل سلوكيات الطلاب المشاكسين إذا كانت هذه الوسائل غير مدروسة وغير مخطط لها.
لذلك فعندما يهدف المدرس إلى التعامل مع الطالب المشاكس بوسيلة مقبولة يجد نفسه أمام عدة عقبات تعترض طريقه لأن هذا الطالب عديم الثقة بالمدرس ولا يستجيب لما يطلب منه ، ولا يؤدي أعماله ، فهو فوضوي في معظم تصرفاته والسبب في كل هذا هو عدم وجود الثقة بين المدرس والطالب ولذلك تبقي عملية التعلم لهذا الطالب فاشلة.
إذن الثقة هي البناء الأساسي في تعاملنا مع الطالب المشاكس ، وفي حالة انعدام الثقة والقناعة بالمدرس سوف يقوم الطالب بعدم تقبل إرشاداته أو توجيهاته من مدرسه.
ليس كافيا أن يبني المعلم جسور الود مع تلاميذه، وإنما عليه أن يمد هذه الجسور بين التلاميذ انفسهم، ولا أدعي سهولة المهمة هذه المرة، لكنها تعتمد على إستعداد المعلم لمعايشة تلاميذه وإكتشاف الفروق الفردية بينهم في وقت مبكر والسيطرة على الحالات السلوكية السلبية التي تظهر عند البعض في الوقت المناسب، وجر المشاكسين منهم إلى مواقع تجعلهم يتعايشون مع زملائهم، حتى لواقتضى الامر إستخدام الشدة والحزم ـ ولا اعني بذلك العقاب البدني او النفسي
ـ بعد ان تجرب كل الوسائل الايجابية الاخرى، فالكثير من الصغار ينفرون من المدرسة بسبب مضايقة زملائهم لهم.
ومع ذلك فإن بناء الثقة بحاجة إلى محاولات مستمرة ومهارات واجتهاد ، وخاصة في التعامل مع فئة معينة من الطلاب المنحرفين سلوكياً وغير المتعاونين ، كذلك سوف يحتاج المدرس إلى وقت لتعزيز الثقة مع الطالب.
كذلك يجب على المدرس وضع (مجهود السيطرة السلوكية) مع مراعاة الفروق الفردية وإحتياجات الطلاب. وفي حالة تكوين الثقة مع الطالب يبدأ الطالب في التفاعل مع المدرس مستجيباً لإرشاداته وتوجيهاته. وبالتالي ينجح المدرس في (مجهود السيطرة السلوكية) ويصبح فعالاً في تعامله مع الطلاب وتكون عملية تدريسية أكثر إنتاجاً ، ويومه الدراسي أكثر فاعلية.
يجب أن يعرف المعلم مسبقا ماذا يريد أن يحقق مع التلاميذ وما الأهداف التي أوكل المجتمع إليه تحقيقها من خلال مهنته المقدسة.. يجب أن يعلم المعلم بأن الهدف هو خلق جيل مؤمن بالله وبوطنه وشعبه، آخذ بالتفكير العلمي، ومتسلح بالعلم، على إستعداد دائم للتضحية في سبيل كل ما هو خير ونبيل في هذا الوطن. وبالتالي فالمعلم يجب أن يعرف بانه أزاء مهمة شاقة،تستدعي معرفة وعلما ً بطبيعة الطفل وميوله ورغباته، وإطلاعا على ظروفه الأسرية والأجتماعية والأقتصادية،وهذا لا يتحقق الا من خلال ثقافة عامة ودراية بمبادىء التربية وعلم النفس تمكنه من وضع الخطط لمعاملة كل تلميذ حسب ظروفه ،ويأتي الهدف الآخر وهو تعليم الطفل القراءة والكتابة ليضع هما ًجديدا ً ومسؤولية أخرى على عاتق المعلم،فهذا الهدف يتطلب معرفة بطرق التدريس وإطلاعا ًعلى النظريات التربوية القديمة والحديثة التي تمكنه من إتباع أيسر الطرق للوصول إلى قلب التلميذ وعقله، ويجب ألا ينسى المعلم بأن تعليم القراءة والكتابة ليس هدفا بحد ذاته بل هو وسيلة من وسائل التعلم أيضا، فكأن المعلم من خلال تعليم القراءة والكتابة قد أعطى التلميذ مفتاحا للتعلم ليفتح به أبوابا واسعة من أبواب العلم والمعرفة.
فالمسألة الأساسية هنا هي : أن المدرس لا يمكن أن يغير شئ من السمات السلوكية للطلاب المشاكسين ولكنه من الممكن إختيار وسيلة مناسبة للتعامل والتكيف معهم ، بينما لو غضب أو إنفعل فسوف لا يصل إلى أية نتيجة ، خاصة عندما يتعامل مع طالب مشاكس. المهم ألا يغضب أوينفعل في كل الأحوال.
المدرس الناجح يدرك أنه ليس باستطاعته تغيير طبيعة الطالب المشاكس لعدم امتلاكه يدا ً سحرية يمكن بها تحريك سلوكيات هذا الطالب ، وإنما يدرك أنه يمكن أن يغير وسيلة تعامله مع الطالب للحصول على أعظم نتيجة فالأساليب العادية لأستجابات تصرفات الطلاب لا تصلح مع الطلاب المشاكسين ، لذلك أصبح من الضروري الأعداد المسبق لكيفية الاستجابة لتصرفات الطلاب، بحيث يعلم كيف يتصدى لأي موقف سلوكي صادر عن الطالب المشاكس مع إستعداد تام لذلك.
يمكن من ذلك ان نستخلص بعض القواعد والطرائق والأساليب التي يمكن أن تساعد في توفير مناخ نظامي ودي دافئ يساعد على تنظيم التعليم والتعلم .
يجب ان يتعرّف المعلم إلى طلابه فرداً فرداً، من خلال الملاحظة فعلى الرغم من أن معرفة الطلاب تحتاج إلى وقت وخبرة بالعمل معهم، إلا أن المعلم كلما بكر في ذلك كان أفضل ،
وتجنبه السخرية مع الطالب المسيء مهما كانت درجة إنزعاجه من سلوكه فالسخرية منه، ولا سيما في حضور الطلاب الآخرين، تدفعه إلى المزيد من الإساءة فاستخدم الطرفة أو الدعابة، ولكن بحذر وفي الوقت والموقف المناسبين مثل التأكيد على نقطة هامة في الدرس، بالقصص أو الطرائف الفكاهية، إذا كانت ذات صلة بالموضوع، تعد فعّالة في توضيح الفكرة وتثبيتها، كما يمكن إستخدام الطرفة أو الدعابة للإعتذار عن أمر، أو للتراجع عن موقف، ويجب الحذر من جعل الفكاهة على حساب أحد الطلاب. كما يمكن إصدار الأوامر والتعليمات، دون اتخاذ موقف الحاكم المتسلط سواء في الشكل أو نبرة الصوت فالتعاطف مع الطلاب، حتى عندما يخطئون أو يخفقون لا تتسرع في عقابهم قبل أن تفكر في مساعدتهم على تجنب الخطأ.فالطلاب لا يتعلمون بالسرعة ذاتها، ولا بالفاعلية ذاتها.
تجنب العلاقة الحميمة مع الطلاب، فالمعلم يجب أن يكون صديقهم الكبير ومرشدهم الخبيروالتحكم في ضبط الأعصاب في غرفة الصف، فالانفعال أو فقدان الأعصاب أولى الخطوات نحو فقدان السيطرة على الصف، وقد يرى بعض المعلمين في الانفعال والهيجان وسيلة ناجحة لحل مشكلة، ولكن تكرار مثل ذلك يؤدي إلى عكس المطلوب.
فبعد أن يضع المعلم مع طلابه قواعد الإنضباط وقوانين النظام في الصف يجب ان يحرص على الإنسجام مع القواعد والقوانين المتفق عليها والموضحة للجميع فلاتكن قواعد النظام أو الانضباط كثيرة، ولا يضع قاعدة لا يستطيع تنفيذها، ويجعل معياره في التطبيق موضوعيا ًً وعمليا ً إذا اضطر المعلم الى توجيه إنذار، فاليجعل ذلك سريعا ً وموجزا ً، دون أن يؤثر على سير الدرس، وخير الإنذارات في غرفة الصف، ما إبتعد عن اللفظ.
فعلى المعلم أن يستعد، قبل حضوره إلى غرفة الصف، لبعض الاحتمالات كتبادل الطلاب الحديث في أثناء الدرس، وإستعارة الأشياء، والإستئذان للمغادرة لغرض ما، وإستخدام الإشارة، والضحك، والسرحان، وعدم الاستجابة، وذلك لإعداد خطة للتعامل مع كل سلوك مع الأخذ في الأعتبار توزيع الأسئلة بين طلاب الصف، وعدم احتكار بعضهم على الإجابة. مع المرونة في التعامل وتغيير الطريقة إذا لزم الأمر فالتنويع يجدد النشاط ويسهم في تحقيق النظام والانضباط الصفي.
|
ليست هناك تعليقات